منتدى فرسان القرآن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
محمدصلاح
محمدصلاح
طبيب المنتدى
طبيب المنتدى
ذكر
المشاركـــــات : 5575
العمر : 29
الدولة : مصر
المتصفح : FireFox

globe تفريغ شرح المنة للفضيلة الشيخ ياسر برهامي

الثلاثاء 25 مايو 2010, 8:30 am
بسم الله الرحمن الرحيم

تفريغ دروس فضيلة الشيخ الدكتور/ ياسر برهامي حفظه الله

لـ: شرح كتاب "المنة شرح اعتقاد أهل السنة"

مقدمة



في البداية أود التنبيه أن هذا هو سماعي بأذني والشيخ منه
براء، فكما تعلم قد أكون سرحت، أو نمت، أو كتبت ما ظننت وحسبته من قول
الشيخ، وفضيلة الشيخ منه براء، وقد قمت بوضعه بين يديكم للفائدة، لنفسي أن
أنال حسنة بذلك فعندي من الذنوب ما أبحث لها عن ماحي،
ولكم لمن فاته شيء من التعليق أو الشرح، لذا ولم عُلِم ذلك وجب التنبيه
على ضرورة الاستماع للأشرطة وتجدونه في موقع طريق السلف بإذن الله.

وقد قمت بمراجعته بعد كتابته، وكذلك قمت بتنسيق النص وضبط الآيات
والأحاديث وتخريجها على قدر معرفتي، وتقطيع النص لفقرات حسب استطاعتي
ومفهومي، وكذا ضبط الضمائر حسب لغة الخطاب،

ولكن لم أعرض هذا على الشيخ، لذلك ووجب إعادة التنبيه على ضرورة الاعتماد على الاستماع للشرائط مع الاستفادة من التفريغ.

وقد استعنت في هذا التفريغ بالشرائط التي يضعها الأخوة على موقع طريق
السلف فليس عندي وسيلة تسجيل في المحاضرة، لذا عندما ينزل شريط على الموقع
أسحبه وأقوم بتفريغه، ولقد نزل الأشرطة الثلاثة الأولى دفعة واحدة، وقد
مرت المحاضرة الرابعة ولم ينزل لها شريط حتى اليوم 15/2/2007 الموافق 28
المحرم.

وقد استعنت في هذا التفريغ بعد الله سبحانه وتعالى ببرنامج تفريغ الأشرطة
الذي صممه ووضعه فضيلة الأخ محمد السلفي فجزاه الله خيراً، وأستحلفكم
بالله عليكم تدعوا لي أن يغفر الله لي، وكما سترني في الدنيا يسترني في
الآخرة، وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل، وأن يحسن خاتمتي، ولا يردني
بعد الذكرى في القوم الهالكين، اللهم آمين إنه ولي ذلك والقادر عليه.


الدرس الأول: في 2 المحرم 1428هـ، الموافق 21/1/2007:

قال فضيلته:حفظه الله تعالى

بإذن الله تبارك وتعالى سنبدأ المرة القادمة في شرح أصول أهل السنة
والجماعة من كتاب المنة شرح اعتقاد أهل السُنَّة، قبل أن نبدأ فنحن نود أن
نذكُر مقدمة في أهمية دراسة الإيمان، أو نقول أهمية الإيمان كما بينه
النبي عليه الصلاة والسلام:

دراسة التوحيد والعقيدة وتطبيق ذلك عملياً، مر عبر التاريخ بمراحل مختلفة
حتى صار طريق القرآن والسنة طريقاً مهجوراً، إلا من رحم الله سبحانه
وتعالى من عباده المؤمنين الساهرين عليه.

نشبه أمر الإيمان وما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام والأنبياء قبله
بالقصر العظيم المنيف الذي من دخله وجد فيه أنواع السعادة والراحة كلها،
وقد عدا على هذا القصر الأعداء ورموه بأنواع من الحجارة، وأنواعاً من
الأشياء التي يريدون هدم هذا القصر بها، وقد هدموه في نفوس الكثيرين وبقيت
بعض المعالم في نفوس البعض.

وعبر الزمان تعرض هذا القصر لأنواع من الهجمات، وكانت فرق البدع والضلال
التي في الحقيقة هي امتداد لعقائد المشركين والملل المنحرفة الأخرى
والمنافقون: هم الذين ترأسوا هذه الفرقة محاولةً لإفساد الدين كما أفسدوا
قبل ذلك ما جاء به الأنبياء من دين موسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم
أجمعين.

فكان ما وقع من أنواع الانحراف في الاعتقاد أول انحراف:
الخوارج وغلوهم في مسائل الإيمان.
ثم بعد ذلك انحراف التشيع والغلو في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلام الذي وقع في أواخر عصر الخلافة الراشدة وحرق علي رضي الله عنه هؤلاء الغلاة الذين ألهوه وقالوا عنه هو الله.

ثم بعد ذلك بدع التجهم بدع الجهمية في الأسماء والصفات.
ثم بعد ذلك أو معه بدع نفي القدر، وبدعة الإرجاء.

أنواع من البدع أدت إلى هدم هذا القصر في نفوس الكثيرين من الناس، وكان
لابد في كل زمان من وجود معالم تحدد حدود هذا القصر الذي بناه الأنبياء
على سبيل المثال،
نعم كان لابد من وجود هذه المعالم ليتمكن كل مؤمن أن يبني قصره الداخلي في
حدود هذه المعالم، ولابد من التمييز بين ما كان من لبنات القصر الأولى
التي وضعت على أصوله وقواعده التي أسسها الأنبياء، وبين الأحجار التي قصد
بها هدم القصر وصار كومة لدى كثيراً من المنتسبين للإسلام كومة من
الأحجار، عبارة عن لبنات من البناء الأول وعبارة عن أحجار كانت معاول هدم،
أو كانت أسباب هدم لهذا القصر، فكان تحديد معالم عقيدة أهل السنة والجماعة
في المسائل المختلفة منذ أن انحرف أهل البدع كان هو مثل: ترسيم الحدود
ووضع الأُسُس التي يبنى عليها البناء.

كان من أخطر ما تعرض له دراسة العقيدة والتوحيد المذهب المختلف، الطريقة
المختلفة في تناول أمور الغيب وأمور الإيمان، المخالف لطريقة الكتاب
والسنة، أعني بذلك دخول الفلسفة وعلم الكلام، فإنه ما زال أثره الخطير إلى يومنا هذا في دراسة العقيدة، وكما
ذكرنا كان لابد من تحديد المعالم، فكل زمن يظهر فيه نوعاً من الانحراف ينص
أهل السنة على مسائل بعينها، يظهر فيها حدود البناء الذي يحتاجه كل واحد
منا أن يبنيه لنفسه.

تحديد هذه المعالم قد تزداد زمناً بعد زمن،
أعني كان في الزمن
الأول هناك من يخالف في مسائل الإيمان، فأصبحت مسائل الإيمان والكفر التي
يُنصُ عليها ويبين أن: مرتكب الكبيرة ليس بكافر، وأنه لا يخلد في النار،
وأن الإيمان يزيد وينقص، ونحو ذلك، مع أن أصول الإيمان الستة التي بينها
النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل الذي هو فهرس الإسلام الذي جمع
فيه معالم الدين يجب أن يضع كل منا نصب عينيه هذه الستة.

وكما ذكرنا حدود المعالم التي هي نابعة من الستة ولكن أبرزت وبُيونت لما
ظهر أهل البدع المخالفون، لما ظهر من يخالف في علو الله على عرشه: صارت
مسألة العلو والفوقية أحد المسائل التي ينص عليها أهل السنة، ولذا نجد
الكتب التي صنفت في التوحيد قديماً قد نصت غالباً على هذه المسائل أعني
التي تعرضت على هجوم لـ أهل البدع واختلط فيها الأمر لدى الكثير من
المنتسبين إلى الإسلام وكما ذكرنا كل زمن كان يحدث فيه بعض المسائل.

فعندما ظهرت مثلاً في عصر المعتزلة مسألة خلق القرآن صار يُنصُ في عقيدة
أهل السنة والجماعة على أن القرآن غير مخلوق مع أن هذا لم يكن في الزمن
الأول ومن نقل عن الصحابة رضي الله عنهم لم ينقل هذه العبارة ولكنها مقتضى
الدليل الثابت من الكتاب والسنة ومقتضى ما نقل عنه في صفة الله سبحانه
وتعالى والبدع الكثيرة التي وقعت في ترك نصوص الكتاب والسنة والانشغال
بالفلسفة وعلم الكلام الذي هو في الحقيقة ميراث عقيدة أخرى وأمة أخرى غير
أمة الإسلام وميراث من خالف أنبياء الله عز وجل ورسله.

من الطرائف التي يتندر بها أن النصارى في زماننا يقر
كبيرهم بابا الفاتيكان بأن العقيدة التي يسيرون بها هي مزج بين تعاليم
المسيح وبين الفلسفة الإغريقية، وهذا كلام واضح فعلاً يوقن به كل
من ينظر في عقيدتهم، لم يقل العقيدة التي جاء بها المسيح فعلاً، والله
تعاليم المسيح، نعم ما عندهم من تعاليمه هي وصايا وتهذيب النفس، وأما
العقيدة فأخذوها من مصدر آخر، بالقطع واليقين ليس من كلام المسيح.
وهذا الذي وقع لأمتنا دخول الفلسفة الإغريقية مرة أخرى على يد المتكلمين
الفلاسفة أولاً، ثم المتكلمين الذين هذبوا الفلسفة وصبوها في قالب إسلامي،
مما أدى إلى وجود قدر عظيم من الانحراف أدى إلى أن يقف موقف أهل السنة
موقفاً محدداً في مسائل بعينها.

كان من أخر ما تعرض للعدون و الهجوم من أهل العقائد لأهل الإيمان ما يتعلق
بتوحيد الإلوهية، وما يتعلق بصرف العبادة لغير الله، وذلك أنها أعظم
المسائل وضوحاً، ولذا نجد في الكتب المتقدمة أولفت قبل عصور الانحطاط
الشديد الذي شهد مولد الغلاة من عُباد القبور، بعد أن سيطر الرافضة
والباطنية زمناً طويلاً على كثيراً من بلاد المسليمن، ثلاثة قرون تقريباً
الدولة الباطنية المسماة بالفاطمية أدت إلى أن يخترق الأعداء هذا الحاجز
عند الكثيرين، وصارت عبادة القبور والغلو فيها وعبادة الصالحين أمراً
موجوداً كان يخشى منه النبي صلى الله على وسلم على أمته ويحذر منه عليه
الصلاة والسلام، ووقع الإفراط في الأنبياء والصالحين الذي حذر منه النبي
عليه الصلاة والسلام.
لذا قد لا نجد في الكتب المتقدمة على هذا العصر إشارة إلى أهم قضايا
التوحيد وهي توحيد الإلوهية، وترك الشرك بالله لأنها كانت مستقر في ذلك
العهد، كما لن نجد في كلام الصحابة رضي الله عنهم مثلاً أن القرآن مخلوق،
ولم نجد لهم كلاماً مثلاً في تفاصيل بعض الصفات دون بعض، أو نحو ذلك أو في
الكلام عليها بعضها دون بعض، أو بذم التأويل والتحريف خصوصاً، فكذلك وقع
في العصور المتأخرة أكثر من ذلك بما يتعلق بتوحيد الإلوهية والربوبية، كما
الإيمان جميعاً مثل الرجوع إلى شرع الله عز وجل، والتزام طاعة الله وطاعة
رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن خالف ذلك من أحكام الجاهلية، وكذلك قضية أن
الإسلام هو وحده الدين الحق، وأن ما سواه من الملل والأديان باطلة، وهذه
الأمور لها جذورها.
أعني هذه البدع المحدثة في زماننا لها جذورها في الفرق الضالة قديماً،
ولكن لم تظهر بقوة ولم تطرح بقوة على أسماع المسلمين كما ظهرت في زماننا
واِحتِاج الأمر إلى مزيد من التحديد، أعني مزيد من وضع المعالم، وإذا دخلت
قضايا في توحيد الإلوهية التي لم تكن تذكر في الكتب المتقدمة والتي يحرص
البعض له رأيه ووجهة في ذلك أن تكون هي علامة التوحيد،

أننا نرجع إلى دراسة ما كتبه المتقدمون نقول: هذا أمرٌ ينبغي أن يكون ولكن بشرط: أن يضم إليه ما يحتاج إليه الناس لو تأملت مثلاً
كتاب العقيدة الطحاوية
وكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله،

كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله مجدد القرن الثاني
عشر تعرض لكثير جداً من المسائل لم يتناولها مثلاً كتاب العقيدة الطحاوية،
ولا شرحه وكما ذكرت كان السبب في ذلك أن هذه البدع لم تكن ظهرت في العصر
السابق واحتاج الأمر إلى مزيد من التحديد والتوضيح وكما ذكرنا عندما اختلط
المسلمون بأعدائهم اختلاطاً خطيراً جداً بعد احتلال الأعداء لمعظم بلاد
المسلمين في عصور الاستعمار وليس استعمار بل هو استخراب، ما زال أثره تضر
المسلمين جميعاً.

لما اختلطوا بعدوهم ظهرت مناهج هؤلاء الكفار
في التحاكم،
وفي فرض لقضية الولاء والبراء، أعني قضية الموالاة على غير الدين،
وفرض أن ملل الكفار ملل مقبولة،
وسائر أنواع المعاملات التي تدخل في حيز موالاة الكفار المنهي عنها،
دخلت في دائرة اهتمام أهل السنة، وأصبحوا ينصون على ذلك وينبهون عليه مع
أنك ربما لا تجد في كتب المتقدمين الذين تلكموا عن الأسماء والصفات،
والقضاء والقدر، والإيمان والكفر، تكلموا عن الجهمية، والمعتزلة،
والخوارج، وغيرهم
لا تجدهم يكثرون الكلام على موالاة المشركين، ولا على التحاكم لغير شرع
الله، حتى ظن البعض أن هذه ليست من قضايا التوحيد، وليست من قضايا
الإيمان، كما ذكرنا جانب من القصر الذي هو من أعظم أجزاءه، هُدِم لدى
الكثيرين ممن ينتسبون للإسلام.
فصار تحديد هذه المعالم أبرز سمة بالإضافة إلى المعالم الأولى فإن أهل
البدع فيها لم ييئسوا خصوصاً أنهم بعد أن دُحِروا وغلبوا على أيدي أئمة
السُنَّة في الأزمنة المختلفة، فيحضروا بثياب أُخر، لبسوا ملابس أخرى،
أسماء أخرى، لا تجد أحد يكاد يقول أنه معتزلي ولكن تجد عقائد المعتزلة
موجودة لدى الكثيرين، لا تجد من يصرح أنه من الخوارج، أما الشيعة فتجد
الأمر أخطر من ذلك وهم يكادون يمثلون الآن خطراً جاثماً أو أكبر الأخطار
ممن ينتسب لكلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) على أهل
الإسلام.

بالإضافة إلى فرق الصوفية الغلاة ممن تربى في حضن التشيع، وأخرج لنا هذا العدو: أنواعاً من المخاطر الهائلة على أمة الإسلام.
لذلك كان لابد من تحديد المعالم المختلفة في عصرنا، وفيما قبل ذلك، حتى تتحدد معالم القصر الذي نريد بناءه.

طريقة القرأن

طريقة القرآن طريقة بناء عظيمة، لا يوجد لها مثيل يختلط فيها الإيمان مع
العمل مع الأحوال القلبية مع السيرة، سيرة الأنبياء مع مواقف تُغيِّر من
داخل الإنسان.
تحديد المعالم اكتفى به البعض، مع أن رسم الحدود ليس هو بناء القصر، هناك
مسؤولية شخصية على كل إنسان في أن يبني في قلبه بناءً محكماً لا يُدخِلُ
فيه الأحجار الغريبة التي ساعدت في هدم القصر.
العقائد الفاسدة ولا حجراً واحداً يساعد في يوم من الأيام على هدم جانب من
جواب القصر في نفوس الكثيرين، لا تقبل هذا الحجر الغريب، ولا تبني على غير
الأساس.

ولكن لا تكتفي فقط بتجديد المعالم لا تكتفي فقط بأن
تبين منهج أهل السنة، ومنهج أهل البدع، كأن الكلام في التوحيد أصبح هو
قضية الكلام على البدع والتحذير من البدع والشركيات، هذا جانب التطهير
وجانب النقاء.

لكن هناك جانب إيجابي،
هذا الجانب النفسي: لابد أن تنفي الباطل

لكن لابد من الجانب الإيجابي وهذا لا يؤخذ إلا من طريقة القرآن، فنقول طريقة القرآن تختلف عن مجرد وضع حدود ومعالم الإيمان،
لابد أن يُبَنى الإيمان،
لابد أن لا نكتفي بمجرد تحرير الانحرافات المخالفة لعقيدة التوحيد لأصول الإيمان التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم،
لابد أن نبني بداخلنا حقائق الإيمان في كل أصل من هذه الأصول.


وهذا الذي نرجو الله سبحانه وتعالى، أن يوفقنا له من خلال شرحنا لهذا
الكتاب الذي نريد أن نزيل فيها أو نهتم في هذه المرة وإن كان قد سبق شرحه
قبل ذلك:

لكن نريد أن نهتم في هذه المرة بمعاني الإيمان التي تتأثر بها القلوب،
وليس فقط أن نحدد المعالم التي يبنى عليها الإيمان،
معالم الإيمان هي القضايا المحددة التي تبين طريقة أهل السنة، تميز أهل الإيمان عن أهل الضلال والكفر والبدع عبر العصور.

كما ذكرنا معالم سابقة بالإضافة إلى المعالم التي تأخر الهجوم عليها حتى اندثرت عند الكثيرين في العصر الحديث أكثر من غيره،

نقول لابد أن نهتم أعظم الاهتمام بطريقة القرآن:
نقف عند الآيات ونتعبد لله سبحانه وتعالى بمقتضى هذه الآيات وما تدل عليه من:

معرفة أسماء الله عز وجل وصفاته،
ومحبة رسله الكرام،
والتشبه بصفاتهم العظيمة،
ومحبة كتابه الذي أنزله سبحانه وتعالى،
ومعرفة قدر كتبه هذا الكتاب قد تضمن ما تضمنته الكتب المتقدمة،
تفصيل الكتاب ما في الكتب المتقدمة من حقائق الإيمان قد جمعه القرآن وزاد عليه أضعافاً،
ويعرف ذلك كل من وقع في يده شيئاً أو اطلع على شيئاً من الكتب المتقدمة،
حقائق الإيمان فيها أشياء من الحق كثيرة بل عقيدة التوحيد بارزة فيها وظاهرة ظهرواً بيناً،

لكن القرآن قد جمع ذلك وفصله أعظم تفصيل وبينه كما ذكرنا من خلال أنواع
الدلالة المختلفة في مناقشة المشركين في بيان حججهم وإبطال هذه الحجج في
بيان سيرة الأنبياء ومواقفهم العظيمة.
فيحصل للإنسان من خلال دراسة آيات القرآن تحصل له العقيدة الصحيحة، والرد
على البدع والضلالات، ويحصل له تحصيل الإيمان بالله والملائكة والكتب
والرسل واليوم الآخر والقدر، كل ذلك مرتبط بعضه ببعض، ومرتبط بالعبادة،
لذلك حقائق الإيمان عندما تحصل من خلال العبادات، من خلال الإسلام الذي
بينه النبي على الصلاة والسلام، ويحصل من خلال ذلك تهذيب النفس، وتحصل
مرتبة الإحسان التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام، وكل ذلك من خلال
آيات القرآن، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم،
، الكتب المتقدمة فيها أقوال منقولة عن الأنبياء ولكن ليس كل ما فيها
منقول عن الأنبياء وكما ذكرنا القرآن يتضمن كل ما يحتاج الناس إليه من
أمور الإيمان، وزيادة على ما في الكتب المتقدمة أضعافاً مضاعفة،
ما فيها من الحق قد ضمه القرآن بما يستغنى به عن غيره، ولا يستغن بغيره عنه أبداً،
ولذلك نقول أن أكبر جناية أو من أكبر الجنايات على
الإسلام وأهله: الانحراف في منهج التلقي وجعل طريقة الفلاسفة ومتكلمي
المنتسبين للإسلام هي طريقة التي تتناول بها العقيدة.

ولا تزال في كثير جداً من المعاهد الإسلامية في البلاد المختلفة تتناول
العقيدة على طريقة علم الكلام، وعلى تعريف الجوهر والعرض، وعلى الكلام على
واجب الوجود وممكن الوجود ومستحيل الوجود، ونحو ذلك من الاصطلاحات التي
يعلم كل ناظر في القرآن أن القرآن بعيداً عنها وأن دعوة الأنبياء تختلف عن
هذه الطريقة.

لذلك نريد أن نركز في شرحنا الجديد على بناء الإيمان في النفوس، كل منا له دورٌ ونحن إنما نفتح أو نعطي مفاتيح الأبواب،
لا تحسب بمجرد أنك أخذت المفتاح فقد يكون البعض قد أخذه قبل ذلك، لا يظن
أنه قد حصّل المطلوب والغرض أن يكون ذلك في صورة متوسطة بين الاختصار
والإطناب، على أن يتبع ذلك إن شاء الله تعالى مزيد من البناء الداخلي، من
خلال العبادة، من خلال الإسلام، والصلاة، الصيام، الزكاة، والحج، والعمرة،
من خلال الإحسان، ومراقبة الله عز وجل، والإخلاص له سبحانه وتعالى، لتنمو
شجرة الإيمان في قلوبنا لأن هذا هو مفتاح كل تغيير وإصلاح مراد لأمة
الإسلام.
لا شك أن أعداء الإسلام عرفوا أن قوتها في عقيدتها ومنهجها، وأنه مهما كان
الضعف المادي الذي يحصل لأهل الإسلام، إلا أن دعوة الحق فيها لا تموت،
مصداقاً لما قاله النبي عليه الصلاة والسلام: (ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى تقوم الساعة) {متفق عليه، خ: 6881، م: 156}،

فعرفوا ذلك وعلموا أن البديل في التخلص من هذا الدين، وهم لا نشك في أنهم
يريدون التخلص من الإسلام، مع يأسهم من أن ينتهوا من اسمه، أو يتخلصوا من
وجوده كدين قائم، لكن خطتهم ومكرهم في أن يحرفوا هذا الدين من داخله، ولذا
نجد التحالف المشبوه والمعلن، والمستتر، بينهم وبين أهل البدع، هو تعاون
أكيد ضد أهل السنة، وضد أهل الحق، ولا يقبلون التنازل مع هؤلاء، ولوا
كانوا من أضعف الضعفاء، من جهة القوة المادية، وهذا أمر مشهود معلوم في كل
أجزاء العالم الإسلامي في كل أرجائه.

لذلك كان التمسك بمنهج أهل الحق ونشره هو جهاد ولابد أن يكون بالقرآن
كما قال الله عز وجل:
(فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) {الفرقان:52}،

فهذا جهاد بلا شك في أن تعاد طريقة القرآن، وأن لا يطاع الكثيرون في ترك هذا القرآن العظيم.
فنسأل الله عز وجل أن يوفقنا من خلال هذه الدروس لبيان طريقة القرآن
والمنهج الرباني في بناء الإيمان في نفوسنا، نسأل الله عز وجل أن يرزقنا
الإسلام والإيمان والإحسان، وأن يجعلنا من عباده المخلصين، وأقول قولي هذا
وأستغفر الله.
بعد صلا عصر الأحد 21/1/2007 الموافق الثاني من المحرم لسنة ألف وأربعمائة وثمانية وعشرون.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى